كثيرًا ما تُطلِق الحكومات مُبادرات تحث المواطنين على الإبلاغ عن المخالفات المرورية، وترمي إلى الحد من الوفيات والإصابات بسبب حوادث الطرق من خلال تحذير السائقين المخالفين وتحسين سلوكيات القيادة. لكن في كثيرٍ من الأحيان لا تُحدِث هذه المبادرات التأثير المنشود؛ لأسبابٍ مثل صعوبات المشاركة والإهمال في متابعة بلاغات الجمهور.

وقدمت مقاطعة ويلز في المملكة المتحدة تجربةً مختلفةً لتيسير إبلاغ المواطنين عن مخالفات المرور مثل القيادة غير الآمنة والإهمال واستخدام الهواتف المحمولة أثناء قيادة السيارات وعدم ربط أحزمة الأمان وغيرها. وتُتيح مبادرة “سناب” Operation Snap للمواطنين الإبلاغ عبر مقاطع الفيديو المُصورة بواسطة الهواتف الذكية أو الكاميرات المُثبتة في لوحات قيادة السيارات والخوذات أو غيرها.

وبينما لا يُعد تلقي الشرطة لبلاغات الجمهور عن مخالفات المرور جديدًا، إلا أنه في الماضي أحيانًا ما رفضت الشرطة تسجيلات الجمهور بدعوى أنها تعود إلى مصادر غير رسمية، وفي أحيانٍ أخرى حالت الإجراءات الطويلة للإبلاغ دون مشاركة المواطنين.

اقرأ أيضًا: شرطة سنغافورة تستقبل أدلة الجرائم من المواطنين عبر الهواتف الذكية

طريقة عمل برنامج “سناب”

قدم برنامج “سناب” طريقةً سهلةً وآمنة للمشاركة بتسجيلات لمخالفات المرور؛ بحيث يستطيع المواطنون تحميل مقاطع الفيديو والصور خلال دقائق إلى موقع مُخصص على الإنترنت،  لتتمكن الشرطة من الإطلاع عليها والتحقق منها مع مراعاة أمن البيانات المُخزنة. وبذلك تجاوزت المبادرة تعقيدات تطلبت سابقًا إتمام ثماني وعشرين خطوة لقبول تسجيلات الجمهور.

وتعاونت في مبادرة “سناب” أربعة أقسام للشرطة في ويلز، وتديرها “جو سيف” GoSafe أو “شراكة الحد من وفيات حوادث الطرق في ويلز”. وبدأ البرنامج في ديسمبر/كانون الأول من عام 2017، ويستقبل شهريًا مائة وأربعين مادةً تتنوع بين الفيديو والصور. وبعدما تطلب تحميل الصور في الماضي تسعين دقيقة إن نجحت عملية التحميل أصلًا، لا يستغرق الأمر حاليًا سوى عشر دقائق.

وتتلقى الشرطة في ويلز إشعارًا عبر البريد الإلكتروني عند تلقي كل بلاغ، وتُراجِع مشاركات الجمهور لاتخاذ الخطوات المُلائمة. وتشمل الإجراءات المُتبعة فرض عقوبات متنوعة بحسب نوع المخالفة، أو إلحاق السائقين المخالفين بدورات تعليمية في قيادة السيارات، أو إقامة دعاوى قضائية ضد السائقين. وفي بعض الأحيان، لا تتخذ الشرطة أية إجراءات لأسباب مثل عدم وضوح رقم تسجيل السيارة أو نقص الأدلة اللازمة لمتابعة السائقين المخالفين قانونيًا.

نتائج إيجابية

أثمر برنامج “سناب” زيادةً كبيرة في قدرة الشرطة على التعامل مع بلاغات المواطنين حول القيادة الخطرة، وبالتالي ارتفع معدل التدخل المُبكر، ويُتوقع أن تشهد ويلز تراجعًا بنسبة 40% في أعداد الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق. وبحسب التقديرات، فإن إطلاق البرنامج في مختلف أرجاء المملكة المتحدة سيُسهِم سنويًا في إنقاذ 650 شخص من الموت بسبب حوادث المرور.

ويجري الآن نشر برنامج “سناب” في أنحاء مختلفة من المملكة المتحدة، فيما تزيد الحكومة من تمويلها لاستخدام الشرطة لأدلة الفيديو. وأرجع مقال نشره موقع “ديجينوميكا” نجاح المبادرة إلى اعتماد مسار للتغيير ينبع من الجمهور وليس السلطة الأعلى من خلال التعزيز الإيجابي والاقتراحات غير المباشرة، الأمر الذي قد يدفع الأفراد والجماعات لاتخاذ قرارات تعود بالنفع على المجتمع.

وبحسب “منظمة الصحة العالمية” يموت سنويًا 1.35 مليون شخص حول العالم بسبب حوادث الطرق، فضلًا عن معاناة ملايين آخرين من الإصابات والإعاقة، وخسائر اقتصادية تصل إلى 3% من إجمالي الناتج المحلي لأغلب الدول. وتُمثل حوادث المرور السبب التاسع للوفاة في جميع الفئات العمرية، والأول للأشخاص الذين تتراوح أعمارعم بين الخامسة عشر والتاسعة والعشرين. ويجعل ذلك كله جهود الحد من حوادث الطرق أمرًا بالغ الأهمية للمجتمعات.